الأمن الثقافي (صالح عبد العزيز)

الأمن الثقافي (صالح عبد العزيز)السبب الرئيسي لما وقع بالوطن العربي من أحداث جسام هـو خـلــل الثقافة العربية الناتج عن محنتها عبر القرون الثلاثة الماضية، والتي زادت في السنوات الأخيرة بعد اكتساح العولمة الثقافية لها، بما أفقدها مناعتها وأضعف كيانها؛ وبدلاً من أن تقاوم الثقافة العربية التيارات المناوئة وتواجه دفاعاً عن الهوية العربية وبدلاً من أن يهيئ المثقفون للشباب من أمرهم رشدًا - كانت الثقافة هي سبب ميلاد الأفكار عنـد المبتدأ؛ وهي كذلك سبب عدم الأخذ بيد الناس عند المنتهي، فصار ما تعلمونه جيدًا حين استغل أعداء العرب في الخارج نقاط ضعف في الداخل وتم العبث في الوعي الثقافي.وعلاوة على المهددات والمخاطر الخارجية التي استهدفت الثقافة العربية توفرت أدواء بكيان الثقافة من الداخل مثل: غياب التخصص، وإهمال الخصوصية الثقافية والسعي إلى استيراد القيم، وعدم فهم الناس لماهية الثقافة ولا الحدود الفاصلة بين الثابت والمتغير فيها. فالثقافة يجب أن تكون بيئة حرة حتى تتوفر لها القدرة الكافية للإبداع، دون أن تخرج عن المدار الخارجي المحيط بهوية الوطن، فعلى الدول أن تضع نظاما يحمي الثقافة دون أن تتدخل فيها، تتركها حرة لتبدع دون أن تدعها تنفلت أو تبتعد عن المدار للحد الذي يمس أمن الوطن.