كتاب أحجية التوحد

لقد كان وما زال لغز التَّوحد مُحيرًا لكثيرين، فالشخص المُصاب بالتوحد يعيش في عالمه الخاص، وكأنه يرسم دائرة ويضع نفسة داخلها، ويمنع الجميع من الدخول إليه، وبالتالي يَحيَا مُنعزلا عن الجميع، وكأنه يعيش داخل قوقعة خاصة به، وحتى نستطيع مساعدته علينا أولًا أن ندخل إلى عالمه الخاص ونفك الغموض المحيط به، ثم نمسك بيديه وتخرجه خارجًا، ولتحقيق ذلك علينا ألا ننسى أن هؤلاء الأطفال أكثر احتياجًا إلى المكانة من المكان كما أنهم أكثر احتياجًا إلى الشعور بأن لحياتهم معنى، وأن يشعروا بالأمن والطمأنينة في هذه الحياة، أي يجب أن تُوفّر لهم الحياة الكثير من الفرص، وعلينا كذلك أن نعمل على تقليل العقبات التي يمكن التغلب عليها، بدلًا من الحياة التي تحتوي على القليل من الفرص والكثير من الفشل، ولنضع في اعتبارنا أن وجود طفل توحدي يمكن أن يُغيّر حياة الأسرة تغييرا جذريًا، ولا يكفي تشجيع الأهل على المساهمة الفعّالة في تربية الطفل التوحدي، بل إن الأسرة تحتاج إلى دعم كبير لمواجهة تبعيات التوحد، وذلك بتهيئتها، وإعدادها للتدخل المُناسب لمُساعدة طفلها التوحدي وتربيته في إطار من الدفء الأسري.

وهذا الكتاب هو محاولة لتسليط الضوء على اضطراب التوحد وتقديم دليل شامل للأخصائيين وأولياء الأمور لمساعدتهم على فهم جميع جوانب التوحد، حتى نستطيع مساعدة أطفالنا التوحديين بالطرق العلمية الصحيحة التي ثبت فاعليتها.