General رجال عاشوا ألف عام

تبقى الفكرة الإنسانية الملهمة، واللحظة التي آمن بها عقلٌ ما هي لحظة تغيير حقيقي، وبالتالي مثّلت تلك الفكرة مرحلةً جديدةً من التطور والتقدم، ومهما طال عمر الفكرة الإنسانية، فقد امتلك الإنسان القدرة على التنظير لها بما يتناسب مع العصر البشري وتغيراته.

من المؤكد أن فكرة الحرية من أقدم الأفكار الإنسانية، ولكن عندما نذكرها، سنذكر تنظير جون ستيوارت ميل لها، وكانت كتاباته بمثابة دستور بشري حقيقي، بغض النظر عن المجتمعات والأعراق.

من المؤكد أن الإنسان كان دائمًا منشغلًا بأصله وأصل الأشياء، وبدون أي كتابات قديمة عن الأسئلة الإنسانية، سنتأكد جميعًا أن تلك الفكرة وصلت إلى إنسان الكهف، كيف تتطور الأشياء؟ لماذا تتشابه بعض المخلوقات ولماذا تختلف؟ حتى جاء داروين ليعيد طرح الأسئلة بشكل أكثر تنظيمًا، ويطرح أشهر نظرية، ربما للإجابة على الأسئلة. وعندما فكّر كارل ماركس في توحيد عمال العالم والرد على الظلم الواقع عليهم، ودعوته الدائمة للاشتراكية التي سُمّيت باسمه، هل كان ماركس أول إنسان يقاوم أو يُبشر بدعوة جديدة؟ هل توقّع كارل ماركس تقسيم العالم وقيام الدول بناءً على بيانه الشيوعي؟ هل توقّع ذلك العقل البشري أن يمتدّ تأثير أفكاره إلى مختلف العلوم الإنسانية، بما في ذلك الدين والتاريخ والاقتصاد؟ لم يكن دوستويفسكي أول كاتب أو روائي في التاريخ، بل كان الكاتب الذي قُدّر له أن يكتب أعمق ما في النفس البشرية، أن يكتب بصدقٍ حتى اكتشاف جوانب من النفس البشرية قبل أن تصبح علمًا.

سبق دوستويفسكي روائيين عظماء كثيرين وتبعه كثيرون، لكنه بقي وحيدًا كحلقة وصل بين الرواية الإنسانية واكتشاف القراءة، ويُوصف اكتشافه لها بأول لحظة حب في حياة الإنسان. ولأنّ نظرية "البرق لا يضرب المكان نفسه مرتين" مؤكدة، فإنّ وجود تولستوي في روسيا يُثبت عكس ذلك. أن يتواجد عقلان بهذا المستوى في الوقت نفسه وفي المجتمع نفسه، وأن يُشكّلا معلمين بارزين في تاريخ الأدب، فقد وفّر لنا ذلك صورةً مختلفةً ومتكاملةً لما يفكر فيه الناس، ورغم اختلاف قضايا كلٍّ منهما وأسلوبه، فقد وفّر لنا معرفةً أوسع.