الأمنية في أدراك النية

على الرغم من أهمية النية في كل عمل وعبادة، إلا أنها من أدق الأمور وأخفاها، فهي عمل القلب، لا يعلمه إلا الغيب؛ لأنها أمرٌ يُخفيه الإنسان في نفسه. ومن البديهي أن الأعمال مشروطة بالإخلاص وحسن النية، حتى يكون العمل صحيحًا بحالته، وللنية شروطٌ لا بد من توافرها حتى يتحقق الصلاح الصحيح المقبول كما أراده الشارع الحكيم، ومن هنا تختلف الآلية عن المخاطر وحديث النفس، ومن الأهمية البالغة لهذه النية أن يتوقف عمل المسلم عليها وعلى صلاحها وصدقها. يجب على كل مسلم معرفة معناها وواجباتها وشروطها: لإصلاح ما فسد منها، وللارتقاء بها إلى أعلى الدرجات، فمن عبد ربه وقام بالطاعات طعمًا في الجنة وخوفًا من النار -وهو غاية مشروعة- فهو أدنى منزلةً ودرجةً ممن كان نبيه في عباده محبة الله ورغبةً في النظر إلى وجهه الكريم سبحانه، والفرق بين فعل هذا وذاك ومرتبة كل منهما يكمن في اختلاف النية. ومن هنا جاءت أهمية كتاب: "التمني في تحقيق النية" للعلامة شهاب الدين أحمد القرافي. وهو أتم الكتب، بل هو الوحيد الفريد المتخصص في الحديث عن النية، وتفصيل معانيها، وبيان مقدماتها، وبيان دقائقها. حتى أنه لم يترك بيانًا لزيادة، أو إضافة لمضيف، ومع أنه كان من أصحاب المذهب، إلا أنه جمع في هذا الكتاب أقوال المذاهب الأخرى: لغرض التوضيح والتوضيح. يسر دار الفاروق للاستثمارات الثقافية أن تقدم لقرائها هذا الكتاب الرائع، راجين من الله عز وجل أن يكون نافعًا لهم، وأن ينالوا القبول.