كتاب صرخة ملاك للكاتبة صباح نصار

إذا جاز لنا أن نُباري المَناطِقة في وضع تعريف للإنسان فإننا نقول إن الإنسان كائن يحكي؛ إذ يستحضر بالقَصص ما وقع أو ما يتخيل وقوعه؛ ليُعالِج جانبًا من جوانب الحياة، أو ليَهرُب من واقِع مُشاهد إلى واقعٍ مُتخيَّل، أو ليجد لذَّة في أن يحكي، أو لغير ذلك من الأغراض. 

وبين أيدينا الآن تلك المجموعة القَصصية لأديبة بارعة امتلكت زمام الفن القَصصيِّ، واستنطقت أدواته المعهودة لتصل إلى بناء مكتمل الأركان ينمُّ عن تمرُّس وإتقان واطِّلاع على تجارب إبداعية مختلفة. 

إن القاصَّة صباح نصَّار قد التقطت في هذه المجموعة القصصية مَشاهد ومواقف من البيئة المصرية والعربية، ووظفت فيها الأدوات الفنية والعناصر القصصية؛ من إبراز للصراع الداخلي والخارجي، وتحديد للزمان والمكان وربطهما بمسار الحدث، ووصف الشخصيات وصفًا يؤدي إلى تصوُّرها واستكناه أبعادها الفكرية والنفسية والشعورية، وتوظيف الحوار المختصر المكثَّف على لسان الشخصيات أو على لسان الرَّاوي. 

كما عُنيت الكاتبة -في الحوار- باختيار الألفاظ الملائمة التي يتحقق بها الانسجام بين طبيعة الشخصية وقدرتها على التعبير بما يُعزِّز تصوُّر القارئ لهذه الشخصية. 

وقد حرَصَتْ الكاتبة على أن تكون لغة السرد ولغة الحوار -جُلُّها- فصيحة، فيها من مفردات الثقافة ومكونات البيئة ألفاظ وتعبيرات انتقتْها بعناية ووضعت كلًّا منها في موضعها بمهارة وإتقان. 

وإني لأرجو لها كل التوفيق، وأن تكون هذه المجموعة بداية لتدفُّقٍ إبداعيٍّ مستمرٍّ.