كتاب المجد الدامي

 حيث إحدى الممالك التي تقع تحت حكم الدولة الرومانية وسيطرتها، وتلك المملكة على الحدود المصرية القديمة، حيث يحكمها أحد حكام الروم، وفي هذه المملكة تدور أحداث قصتنا تلك.

بين مَزارع ومروج تلك المملكة وفي أحضان الورود وأزهار الحقول وجمال الطبيعة الساحرة الخلابة في صباح يومٍ هادئٍ جميل تشدو فيه الطيور وتغرد وتتمايل الزهور والرياحين وتهب بين الحين والحين على المكان نسمات الربيع الرقيقة الهانئة لتهب الروح لهذه الطبيعة المبدعة الرائعة، وفي أحضان هذا المكان الخلَّاب الرائع، وعلى أرض هذه الطبيعة الممتعة الجذابة الجميلة كان يقف شابٌ وسيمٌ حادُّ الملامح هادئُ السرائر يقف تارةً ويسير أخرى وسط مروج تلك الطبيعة الجميلة في تأنٍّ وهدوء كأنه يتأمَّل جمالها ويتغزَّل في سحرها يتضح بخطواته وكسمات وتفاصيل جسده القوة والعزم تملأ روحه ورسمات وجهه البشاشة وعزة النفس يتجلَّى من ملابسه وخطواته الثابتة أنه فارسٌ ذو رابطة جأش، شجاعٌ يخشى بأسه كما تفيض بوادر وجهه بالطيبة والشهامة وسمات أهل المرؤة والكرم، إنه الفارس الروماني "أوكيانوس" يخدم بالجيش الروماني بحامية القصر، وحاله يبدو وكأنه في نزهة خلوية مع نفسه بين المروج الخضراء وتلك الحقول الزكية الزاهية يستنشق الهواء العليل وينتشي منه ويتنفس.

وبينما هو سائر يتباطأ في خطواته ويتثاقل، في سيره كي يُمتِّع عيناه ويُبهِج روحه بجمال الطبيعة وسحرها الفتَّان، ويُشبع نظره بتلك الجنة وجمالها وسحر نعيمها الفاتن، وإذا هو على هذه الحالة وفي هذا الملكوت من التأمل في الطبيعة والشرود في محراب مملكة السحر والجمال من حوله مازجًا الواقع بالخيال صانعًا حلمًا جميلًا يسمو به إلى عنان السماء ويحلق بروحه داخله في سباتٍ عميق وهو يقظ العينين، وبينما هو سائر في تأنٍّ وهدوءٍ إذ تلمح عيناه ما يزيد هذا الحلم روعةً وبهاءً؛ أميرة جميلة مشرقة الطلعة كالبدر هادئة الملامح ممشوقة القوام جميلة رائعة الحسن تغرد الطيور لجمالها وتتراقص لها الورود وتتمايل عليها الزهور والرياحين؛ يداعب شعرها الطويل المسدل على كتفيها النسيم الهادئ ويصافح خديها الناعمة هواء الصباح الهادئ اللطيف وهي تتهادى وتتمايل في سيرها وكأنها إحدى آلهة الجمال، تتهادى على الأرض في خفة ودلال.

وقد ثبت الفارس أوكيانوس في مكانه يترقَّب الأميرة من بعيد وقد انبهر بجمالها الأخَّاذ وأنوثتها المفعمة بالحيوية، فقد سلبته لبه وعقله بسحرها وقوامها الممشوق وهي تتهادى في خطواتها يبن الزهور والرياحين في استحياء وخجل وهي تتمايل على الورود وكأنها تداعبها، وقد أحسَّ بالرغبة الشديدة في الاقتراب منها والحديث إليها، فدنى وتقدَّم نحوها وقد أمسك بيده زهرة جميلة قام بقطفها، وثبت أمامها ومد يده في إجلال وخشوع المتأمل لها قائلًا في نبرات هادئة:

أتسمح لي صاحبة السمو التي أجهل كونها وتغفر لي تطفلي وفضولي هذا في قطع خلوتها تلك وأن أشاركها جمال الطبيعة وحيوية المنظر هذا السحر الأخذ بالعقول والسالب للروح.